تقول عائشة – رضي الله عنها – : ( إذا شئتم أنْ يطيب المجلس ، فعليكم بذكر عمر بن الخطاب ) .
فتعال معي إلى شيء من سيرته الطيبة .. عسى أن نقتدي به .
قال معاوية بن خديج – وقد دخل عليه وقت الظهيرة – فظنه قائلاً : ( قال : بئس ما قلت وبئس ما ظننت ، لئن نمت بالنهار لأُضيعنَّ الرعية ، ولئن نمت بالليل لأُضيعنَّ نفسي ! فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية ؟! ) .
ولذا كان ينعس وهو قاعد ، فقيل له : ألا تنام يا أمير المؤمنين ؟ فيقول : ( كيف أنام ؟! إنْ نمت ضيَّعت حظي مع الله ! ) .
لله درك – يا فاروق الإسلام – ! خفقات برأسك فقط ، ولا تركن إلى الفراش !!
بأبي هو وأمي ، لسان حاله يقول :
لستُ أدري أطال ليلي أم لا .. كيف يدري بذاك مَن يتقلَّى .
لو تفرَّغتُ لاستطالة ليلى .. ولرعي النجوم كنت مُخِلَّا .
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله – مبيناً شيئاً من جميل سيرة – رضي الله عنه – : ( كان يصلي بالناس العشاء ، ثم يدخل بيته فلا يزال يصلي إلى الفجر ) .
وقال أسلم – مولى عمر – : ( قدم المدينة رفقة من التجار ، فنزلوا المصلَّى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف : هل لك أن نحرسهم الليلة ؟ قال : نعم ؛ فباتا يحرسانهم ويصليان ) .
وقال العباس بن عبد المطلب : ( كنت جاراً لعمر بن الخطاب ، فما رأيت أحداً من الناس كان أفضل من عمر ! إنَّ ليله صلاة ، وإنَّ نهاره صيام ، وفي حاجات الناس ) .
وعن زيد بن أسلم عن أبيه : ( أنَّ عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله ، حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ، يقول لهم : الصلاة ، الصلاة ! ثم يتلو هذه الآية : { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى } .
ولما توفي عمر – رضي الله عنه – قال علي – رضي الله عنه – : ( ما خلَّفتَ أحداً أُحبُّ أنْ ألقى الله بمثل عمله منك – يا عمر – ) . ( 1 ) .
( 1 ) – رهبان الليل : سيد عفاني ( 1 / 333 ) .